اسمي أماني، حضرت الأرض في يوم جمعة سعيد؛ بسهولة بدون أن أشغل والدتي بالألم. قيل لي أنها كانت تغني بينما هي تلدني. وأؤمن
أني إلى اليوم احتفظ في داخلي بسعادتها تلك اللحظة
لاحظت أمي، وعرفْتني منذ صغري أحب الأرض والاتصال بالطبيعة، ففي عمر الخامسة كنت أخرج نهارًا من المنزل إلى البرية المقابلة له والتي بنيت فيها منزلي الصغير من الطوب الأحمر، وتعرفت على النباتات المحيطة بي والتي كنت أطحنها بين حجرين وأعتبرها غدائي بينما أقضي النهار هناك. ثم أعود مع غروب الشمس على صوتها طالبة إياي العودة للمنزل
في هذا العمر أحببت هايدي كما لم أحب أحد. كانت تصلني بما يكمن داخلي. الطبيعة والبرية واللعب مع الخراف والجري تحت الشمس
في السفر كنت أفضل العيش في منزل بسيط مفتوح على الطبيعة والهواء الطلق، دون السكن في فندق ذو خمس نجوم تغلق علي جدرانه. كانت أمي تعرف هذه الرغبة وتحترمها
كنت محظوظة أن نشأت معها، منها هذبت روحي وتعلمت أن الحياة إنما تعاش بالعطاء وسعة القلب ومسامحة جميع الناس
في عمر التاسعة انتقلنا من منزلنا البسيط إلى حي أكثر تمدنًا لا صلة فيه بالبرية التي عرفتها، ومن هنا بدأ الإنشغال. ومع المزيد من المعتقدات التي كنت أتشربها ممن حولي؛ وثقت هذه العقدة
بالموسيقى تذكرت أن الحياة سهلة، بسيطة، يمكن أن تعاش بدون هموم أو قلق على ما هو آت
حتى عمر الثامنة عشر لم أكن أعلم شيئًا عن أسباب العافية والصحة، وكنت أتناول من الطعام وأتصرف من التصرفات ما هو سائد ومعتاد. إلا أني كنت أطلب طلبًا واحدًا: ” حين أبلغ الكبر لا أريد أن أعاني كما يعاني كبار السن حولي، أريد أن أبلغ هذا العمر بصحة وعافية “. ولكل طالب يأتي الجواب
كان والدي يعود من عمله حاملاً بين يديه مقالات عن الغذاء طبعها لنا بينما هو يقرأ ويتعلم. ما زال والدي إلى اليوم يهتم بصحته وبدنه ومنه تعلمت. كنت أقرأها وكل الفضول يعتريني، وكانت بالنسبة لوعي ذلك الوقت أمر يثير الاستغراب
غيّرت هذا المقالات في وعيي الصحي ووضعتني أمام الباب الكبير
اليوم وبعد ١٤ عامًا من البحث والقراءة والاختبار والتدرج في الأنظمة الغذائية، اخترت أن أتناول طعامًا حيًا طازجًا وعليه ازدهرت
لم أعرف نفسي ولا الحياة ولا السلام إلا بعد أن عملت على جسدي عملاً مركزًا خلال السنوات الأربعة الأخيرة
وعلى الرغم من أني في دراستي الجامعية اخترت تخصصًا عشوائيًا، ألا أن علوم الأحياء الدقيقة كانت الأقرب لي ولرحلتي
بعد أن أدركت العافية في نمط الحياة الذي اخترته قررت أن الوقت قد حان لأشارك هذه المعرفة مع الناس، فما الحياة دون المشاركة
ومن هذا العمل حظيت بالدكتوارة الفخرية من فيدرالية الأمم المتحدة كتشريف لي في مجالي الذي وهبت نفسي له: نمط الحياة الطبيعية
وشهادة مدربة حياة معتمدة، لا ستطيع عبرها مساعدة السائل في بلوغ ما يبحث عنه
هذه الرحلة بدأت ولن تنتهي، وكل يوم تتكشف عن المزيد. وأشجعك ألا تتأخر في خوضها أنت كذلك
أماني
١٤/سبتمبر/٢٠١٨
ميلاد سعيد