في المقال السابق أكل اللحم بين القرآن والأبحاث وضعت تساؤل: لماذا لما يذكر الله اللحم كجزء من طعام الإنسان في آيات سورة عبس وذكر النبات فقط؟
” فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً (27) وَعِنَباً وَقَضْباً (28) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (29) وَحَدَائِقَ غُلْباً (30) وَفَاكِهَةً وَأَبّاً (31) مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)“
ودائمًا يأتي الجواب لمن يسأل.
لنعود بالتاريخ للوراء أول ما خلق الله الإنسان في الأرض. كان طعام الإنسان هو النبات والخضرة المتوفرة حوليه. استمر الإنسان على هذا النمط الغذائي إلى أن بدأ يلاحظ الحيوانات المفترسة تلتهم الحيوانات الأخرى فأراد أن يقلدها. أكل اللحم مباشرة لكنه أصيب بالمرض والموت بسبب الطفيليات والديدان الموجودة في اللحم الني. لا تموت الحيوانات المفترسة مثل الإنسان لأنها مهيئة لأكل هذا الطعام.
ثم رأى الإنسان النار لأول مرة في حرائق الغابات ومن هنا عرف بوجود النار. بعد سنين من هذه المشاهدة اكتشف كيف يشعل النار بنفسه، ومن هنا بدأ يطبخ اللحم ومن هنا بدأ يأكل اللحم. وعند هذه النقلة تحول الأكل من غريزة إلى شهوة. كانت غريزته هي المفطورة بداخله حين خلقه الله وجعله في الأرض. أما الشهوة هي التطور الذي حصل بسبب المعرفة والأدوات التي جمعها.
لنجيب الآن على السؤال، لماذا لم يذكر الله اللحم في آيات الطعام في سورة عبس؟
لأن المذكور في الآيات هو الطعام الغريزي فقط وليس الشهوة، اللحم كشهوة ذكر في آية آل عمران ” زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ”
وإذا كان أكل اللحم طبيعي وغريزي، لما أحتاج الأمر إفراد آيات لتحليله. لأنه طبيعي! لكن لأنه ليس كذلك، ولأننا سنقدم على قتل كائن آخر احتاج هذا القتل لأذن وسماح من الله تعالى. إنما شرب الماء أو أكل النبات تصرف طبيعي لم يحتاج الإنسان لأذن من الله. وعليه ذكرت كخبر في آيات الطعام في سورة عبس.
من حكم العهد الجديد ” كل شيء حلال ولكن ليس كل شيء ينفع ” أنت من تقرر وتختار وتحدد ما هو الصالح لك من عدمه.