في التغذية موضوع أكل اللحوم موضوع جدلي، والناس منقسمين لضدين متصارعين كل يريد أن ينتصر رأيه. هناك دراسات وتجارب واضحة تثبت ضرر اللحم على الجسد الإنساني. وهناك آيات صريحة بالقرآن تحلل أكل اللحوم.
بين هذين الرأين سأشارك في هذا المقال ما توصلت إليه وأرجو أن تجد فيه جوابًا شافيًا يساعدك على حزم قرارك
الملف الأول الذي سأتناوله هو تصميم جسم الإنسان مقارنة بجسم آكلي اللحوم في الطبيعة.
الأبحاث والدراسات التشريحية لجسم الإنسان تأكد أن جسم الإنسان ليس مهيئ لأكل اللحوم، على عكس الحيوانات المفترسة المهيئة لهذا النوع من الطعام
لنأخذ على سبيل المثال الأسد، هل رأيت كيف حين يأكل فريسته فإنه يأكلها كاملة، أقصد بذلك أنه لا يفصل الجلد عن اللحم أو الأمعاء عن الأوردة بل يأكلها كما هي. أما نحن حين نأكل فإننا لا نأكل الشعر أو الدم أو العظم، ولا يمكن أن يستمع انسان بذلك. وكل المذابح والمسالخ سيئة الرائحة ولا يستطيع الكثير منا أن يتحمل العمل هناك ومشاهدة البهيمة حين تصيح وتسيل دمائها. شارك أخي يومًا في أحد مسالخ ذبح الأضاحي ولم يستطع الاستمرار وعاد مصابًا بالمرض والغثيان!
حتى أننا غيرنا المسمى ولطفناه، فلا نقول ” أنا ذاهب لأكل بقرة!“ أو ”أنا جائع أريد أن ألتهم خروفًا“ بل نعطيها مسميات آخرى : Steak Burguer Beef
هذا من الناحية العاطفية أما التشريحية فسأطرح بعض الفروقات بيننا وبين آكلي اللحوم وليست جميعها:
لسان أكلي اللحوم خشن وقاس بينما لسان الإنسان ناعم وأملس. شاهد هذه الصورة
لآكلي اللحوم مخالب أما الإنسان فله أظافر
أمعاء آكلي اللحوم أطول ثلاث مرات من جذعها أما الإنسان فإن أمعاءه أطول اثنا عشر مرة . وهذه واحدة من الفروقات الجوهرية التي غيرت قراري في أكل اللحم؛ حيث أن هذه الطول القصير في آكلي اللحوم يسمح لها بالتخلص السريع من الفضلات قبل أن تتعفن. أما في أمعائنا باعتبار طولها والالتفافات المتعددة فيها فإن التخلص من اللحم لا يتم سريعًا.
الحيوانات آكلة اللحوم تقضي ما بين ١٨-٢٠ ساعة نائمة بينما الإنسان يقضي معظم يومه متحركًا فاعلاً. ذلك لأن هضم اللحوم يستزف طاقة عالية، وهو ما يكون واضحًا في الخمول أو الثقل الذي تشعر به بعد تناول وليمة!
حجم الوجبة يتناسب مع جحم أيادينا فمثلاً فاكهة في كلتا كفيك يكفيك لوجبة طعام، أما آكلي اللحوم فإنها تلتهم الفريسة كاملة في وجبة واحدة.
آكلي اللحوم تنتج فيتامين سي بنفسها أما الإنسان فلا ينتجه ويأخذه من مصدر خارجي. وفيتامين سي هو المسئول عن إفراز الكولاجين، والكولاجين هو البروتين الموجود في كل أنسجة أعضاء الجهاز الهضمي لتدعميها وترميم أي ضرر قد يصيبها.
فك الإنسان مشابه لفك آكلي النباتات في الطبيعة.
أضراس آكلي اللحوم حادة أما الأنسان فأضراسه مسطحة لهرس الطعام.
الأنياب في آكلي اللحوم طويلة ومدببة أما في الإنسان قصيرة جدًا. شاهد الصورة
آكلي اللحوم تعيش على نظام طعام حمضي أما الإنسان فإن هذا النظام مميت له. نظام الطعام الذي يزدهر عليه الإنسان هو النظام القلوي. وللإشارة: فإن اللحوم عالية الحمضية.
درجة بي اتش لعاب أكلي اللحوم حمضي أما الإنسان قلوي.
حمض المعدة في آكلي اللحوم أقوى عشرة مرات من حمض المعدة في الإنسان.
آكلي اللحوم تفرز انزيم يسمى أوكسيداز اليورات مهمته التمثيل الغذائي لحمض اليوريك الموجود في اللحم. الإنسان لا يفرز هذا الانزيم.
حجم الكبد في آكلي اللحوم بالنسبة لجسدهم أكبر من حجم كبد الإنسان.
آكلي اللحوم لا تهتم بنظافة الحيوان الذي تأكله فتأكل معه الحشرات والديدان والطفيليات أما الإنسان فهو أكثر مخلوق مهتم بنظافة الطعام قبل أن يتناوله.
ومن هذه النقطة فلنعود بالتاريخ للوراء. أول ما وضع الله الإنسان في الأرض كان الإنسان يأكل النبات، وبمرور الزمن حين لاحظ الحيوانات المفترسة تأكل الحيوانات الآخرى حاول أن يقلدها فأكل اللحم مباشرة من الفريسة لكنه أصيب بالأمرض والموت بسبب الديدان والطفيليات الموجوة في اللحم. استمر الإنسان يلاحظ الطبيعة وشاهد النار لأول مرة من خلال حرائق الغابات، وبعد سنين اكتشف كيف يشعل هذه النار بنفسه، ومن هنا بدأ يأكل اللحم مطبوخًا.
هنا نقطة مهمة : وهي مدة هضم وبقاء الأطعمة داخل جسم الإنسان. فالفواكه يستغرق هضمها عشرة دقائق إلى نصف ساعة أما الخضروات من ساعة إلى ساعتين ، واللحوم من ٣- ٨ ساعات مع الأخذ بالاعتبار أن طردها من الجسم يستغرق ٢٤-٤٨ ساعة ( بعض الناس تبقى داخلهم لأسابيع !)
كل ما طالت مدة بقاء الطعام داخل الجسم زادت فرصة تعفنه وتحوله لسم بدل غذاء.
هناك ملفين آخرين من المهم الحديث عنهما ولا يمكن تجاهلهما وهما : الأمراض الناتجة في الجسم من أكل اللحوم+ الأخطار المترتبة على البيئة والأرض نتيجة التغذي على اللحوم. لكن سأناقشهما في مقال آخر. حتى لا يطول الحديث هنا.
يبقى ملف الجدل الديني القائم في كل مرة يطرح فيها موضوع أكل اللحوم. فالله أحل أكل بهيمة الأنعام في آيات صريحة لا يمكن إنكارها :
” أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ ”
” وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ”
” وَإِنَّ لَكُمْ فِي الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ“
هذا التحليل الواضح جدًا كان دائمًا محل تساؤل عندي إلى أن خلصت للتالي:
أن الله أحل أكل بهيمة الأنعام لكن تحت شروط وضوابط منها: ” وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ”
فمن تجربتي وما بحثت عنه أنصح بالتالي:
١- لا تأكل لحم إلا من بهيمة أنت مربيها بنفسك أو تعرف شخص أو راع مشرف على تربيتها مباشرة. لا تثق بأي مطعم لمجرد أنه يضع علامة “حلال” أو آخر ذاع صيته. فمن خلال تجربتي ووظيفتي السابقة ومن خلال العديد من الملفات المنتشرة على الانترنت هناك الكثير من الظلم يحصل في عالم صناعة اللحوم. هل تعتقد أن المؤسسة التجارية تركز أكثر على مواكبة سرعة الطلب وكسب المزيد من المال أو الاهتمام بصحة وجودة ما تقدمه لك؟
٢- تأكد أن البهيمة التي ستتناولها قد أكلت أكلاً طيبًا مما تنبت الأرض، خاليًا من الهرمونات والأبر وبقايا الشحوم واللحوم. فكل ما أكلته هي سينتقل لك أنت.
٣- تأكد أنها ذُبحت على الطريقة الإسلامية، ما يعني أنها لم تُعذب أو تُرعب أو تقاوم خلال عملية ذبحها. اللحوم التجارية التي نأكلها اليوم محتوية على هرمونات الخوف والتوتر والمقاومة التي افرزتها البهيمة قبل موتها وهذا بالضرورة يدخل جسدك. أما عند الذبح بالطريقة الإسلامية فالبهيمة باسم الله الأكبر تُسلم ولا تصارع. شاهد في هذا الفيديو كيف تستجيب البهيمة عند ذكر اسم الله
قتل الكائن، كائنًا من كان؛ عظيمًا عند الله فالقتل هو الحرام الوحيد الذي تكرر تحريمه مرتين في القرآن، وتحليل أكل لحم البهيمة جاء مباشرة من عند الله دلالة على عظمة هذا الأمر، نحن حين نقول بسم الله قبل الذبح نشير أن الله هو من سمح بقتل هذا الكائن.
٤- ما تحتاجه من اللحم هو ٥٠-١٠٠ غرام في المرة الواحدة أي ما يقارب ثلاثة لقيمات. تأكد أنك ملتزم بهذا.
وليس يوميًا. فالنبي عليه الصلاة والسلام كانت تمر عليه ثلاث أشهر دون أن تُشعل نار في بيته. يعني لا لحم ولا طبيخ من أساسه. وفي علم المكروبايوتيك يوصى بعدم تناول اللحوم إلا مرة واحدة في الشهر. هل أنت ملتزم بهذا؟
٥- تأكد أنك تأكل اللحم منفردًا دون أي نشويات معه، ما يعني بدون خبز أو أرز أو بطاطس. لماذا؟ لأن هضم البروتينات يتطلب من الجسم افراز انزيمات حاضمية أم هضم النشويات يتطلب انزيمات قلوية، وحين التقائهما سويًا يتحول الوسط لمتعادل فيصبح هضمهما قصة صعبة، من هنا تبدأ مشاكل الهضم والغازات والتعفن. هل تعتقد أن الغازات والرائحة الكريهة من الإخراج أمر طبيعي؟ لا ليست كذلك. إنما إشارة تعفن حاصل بسبب عدم قدرة الجسم على هضم هذا الطعام وإخراجه في الوقت المناسب. بعد تناول وجبة من البروتين يجب أن تنتظر ساعتين على الأقل قبل تناول وجبة من النشويات والعكس.
٦- لا تشرب الماء بينما تتناول اللحم ( أو أي طعام آخر ولو نباتي ). الماء يذُوب حمض المعدة، بالتالي لن يهضم الطعام وستكون سببت لجسدك سببًا آخرًا لتعفن الطعام. من الأفضل أن تشرب الماء قبل تناول الطعام بربع ساعة أو بعده بساعتين. انظر حولك في أي مطعم تذهب إليه! الجميع يشرب ويأكل في نفس الوقت!
٧- كأي طعام آخر تأكد أنك تذكر اسمه الله عليه قبل تناوله. فحين نقول باسم الله، نبدأ بناء الخلايا في أجسادنا باسم الله ونسأل الله باسمه أن يكون هذا الطعام حياة لأجسادنا.
٨- كأي طعام آخر امضغ، امضغ، امضغ. حوّل اللقمة الصلبة لسائلة قبل نقلها للمعدة لأنه ليست من وظيفة المعدة أن تمضغ عنك!
أخيرًا تذكر أن الله أحل أكل اللحوم ولم يفرضها. وللتوضيح خذ هذا المثال: قال الله في محكم التنزيل ” وأحل الله البيع ” هل يعني أنه على الكل أن يمارس البيع؟ هل يعني أن الذي لا يمارس البيع آثم أو محل انتقاد أو استغراب؟ بالطبع لا
الأمر نفسه في أكل بهيمة الأنعام لا تستنكر من توقف عنها ، ولا الذي توقف عنها يستنكر ويهاجم الذي يتناولها. وللأسف أكثر من قابلت من النابتيين أشخاص هجومين ومتصلبي الرأي وأعتقد إذا سُمحت لهم فرصة سيشنون حرب!
أنا شخصيًا لا أكل اللحم أيًا كان نوعه، وإذا سألتني سأجشعك على تركه. وأرى أنه كلما قل عدد آكلي اللحوم كلما كان خيرًا للأرض وللناس. هذا هو الرأي الذي وصلت إليه بعد بحث وتساؤل وأرجو أن تجد أنت كذلك جوابًا شافيًا فيه وسببًا يدفعك لمزيد من التعلم.
وأخيرًا أقف إلى اليوم أمام تساؤل لا أعرف جوابه حين أقرأ هذه الآيات من سورة عبس :
” فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً (27) وَعِنَباً وَقَضْباً (28) وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً (29) وَحَدَائِقَ غُلْباً (30) وَفَاكِهَةً وَأَبّاً (31) مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)“
لماذا لم يذكر الله هنا بهيمة الأنعام كجزء من الطعام واكتفى فقط بذكر النبات؟ أرجو مشاركتي ما تتوصلون إليه.