أعظم مطهر وشاف للبدن عرفه الإنسان على مر التاريخ هو الصوم. والحكيم يدرك أنه الدواء الأفضل بين كل الأدوية في الأرض. ولا عجب أن جائت كل الأديان تشرع الصوم في تعاليمها. لذلك أول ما يجب أن نعرفه عن الصوم أنه ليس لتجويعنا أو تعذيبنا. إنه تجربة روحية عميقة تتخطى الجسد. وهي كفيلة أن تخلق منك إنسانًا جديدًا ينظر للحياة وللأمور على نحو مختلف. وستختبر خلاله أمور ستختبرها لأول مرة في حياتك.
هذا هو الصوم الحقيقي الذي جائت به الأديان. الصوم الذي يرتقي بك ويطهرك. وكل شخص يرغب باستعادة حياته وصحته وسلامة عقله يجب أن يصوم ثم يجعل الصوم روتين ثابت في حياته. المهم أن يطبقه بشكل صحيح بعيد عن الممارسات المدمرة التي اعتدنا أن نقوم بها.
وأبرز الصوم المعروف والمتبع لشفاء الجسم وتطهيره هو صوم الماء.
في هذا الصوم لا نأكل أي شيء إطلاقًا ولا نشرب أي شيء عدى الماء النقي. ويمكنك أن تقوم به من يوم واحد إلى ٤٠ يومًا حسب ما تشعر به وما تستطيعه. كلما طالت مدة الصوم كلما كانت فاعلية التطهير أكبر والتجربة أعمق.
ولا يجد كمية محددة للشرب خلال اليوم، اشرب بقدر ما تريد. ويمكنك إضافة الليمون إذا رغبت. فالليمون قلوي جدًا لذا سياعد على تصفية الدم وتنظيف القولون.
ماذا يحصل للجسم عند الصوم ؟
حين نتناول الطعام المطبوخ فإن ٧٠-٨٠ ٪ من طاقة الجسم تذهب لهضم هذا الطعام (تفكيك، تحليل، امتصاص، اخراج..) وحين نصوم عن الطعام فإننا نريح الجسم من هذا الجهد العالي جدًا ونركز الطاقة على جهد واحد ألا وهو: التنظيف ( تخليص، تصفية، تنقية، تطهير.. ) يتحول عمل الجسم إلى مسار الشفاء والتطهير. حيث أن الجسم سيستفيد من هذه الطاقة ليركز على عملية التنظيف؛ التي لا يمكن أن تتم إذا كان مشغولاً بهضم الطعام!
ولاحظ حيوانك الأليف ماذا يفعل إذا مرض؟ يتوقف عن الأكل.
الجسم يستطيع أن يعالج نفسه بنفسه، ويعرف ماذا يفعل. إن كل خلية لها وعيها الخاص فقط اعطها الفرصة لتقوم بما تعرف.
مرحلة الصوم ستكون شاقة ومؤلمة، فقبل أن يبزغ نور الفجر يحل ظالم حالك. ستواجه اضرابات جسدية كالصداع، والإسهال والدوار، وستصاب بالضعف في كل بدنك، سينهر المخاط من أنفك، ستصبح رائحة نفسك كريهة، سيقل وزنك، سيلتصق جلدك بعظمك، سيتساقط شعرك، وربما تظهر بعض الحبوب أو البثور على جلدك، ومن يراك سيظن أنك ستهلك! لذلك لا تقابل أحد خلال الصوم. هذه الفترة تُعرف بـ ” أزمة الشفاء ” وهي طبيعية جدًا ومن اللازم أن تحصل كدلالة قاطعة أن الجسم في وضع التطهير. وهي تحصل أيضًا عند الانتقال لنظام غذائي صحي لكن ربما بأعراض أخف منها وقت الصوم. ذلك لأن الجسد وقت الصوم يطرح قدرًا مهولاً من السموم. وكلما كان الجسد مسمم كلما واجه أعراض تصفية أكثر.
إن الأمر سيسؤء قبل أن يتحسن ، لكن تذكر دومًا أنك ستخرج من هذه المرحلة إنسانًا جديدًا، وأن كل معاناة تمر بها تستحق منك الصبر. وتذكر أن إضرارك بجسدك حصل على مدى سنين أو حتى عقود، لذلك إعادة بنائه تتطلب الصبر. ولا تقلق كثيرًا بشأن ذلك، فبعد اليوم الثالث أو الرابع ستبدأ هذه الأعراض تخف كثيرًا. ويبدأ عقلك وجسدك بالاعتياد على الأمر.
لتخفيف الأعراض يمكن قبل الصوم قطع المأكولات الضارة تدريجيًا، كالقهوة والوجبات السريعة والأغذية المعلبة والمأكولات الحيوانية ومشتقاتها والخبز والأرز والحلويات…
لذلك يجب أن تكون في حالة كاملة من الاسترخاء والراحة وأن تبقى في المنزل مستلقيًا على الفراش. أي جهد ربما يستنزف طاقتك فيعرضك لكسر الصوم. خذ إجازة من عملك .ولا تقابل أحد من الناس لأن شكلك سيتغير كثيرًا وستصاب بالمرض وإذا رآك أحدهم بهذا الشكل من الممكن أن يحضك على التوقف لكنك تعي ما تفعل. وربما سيكون من الجيد أن تبقي التجربة في بادئ الأمر سرًا عن الآخرين.
تأكد أن المنزل أو المكان الذي ستؤدي فيه الصوم بيئة مناسبة ومريحة لك وخالية من النزاعات أو المشاكل والضغط النفسي. أي خلاف مع أحدهما قد يفقدك مخزونك الطاقي فورًا وعليه لن يكن بوسعك اتمام الصوم.
توقف تمامًا عن مشاهدة التلفاز ومتابعة الأخبار. الأخبار نوع آخر من السموم التي تؤثر على قلوية الدم وصحتنا العقلية والنفسية.
خفف المشتتات مثل الجوال والواتس آب ومواقع التواصل الاجتماعي. اقض هذه التجربة الفريدة مع نفسك بين الراحة والتمدد والقراءة والتعلم – فسيكون لديك قدرًا كبيرًا من الوقت لأول مرة في حياتك –
لا تقوم بأي نشاط حركي إلا إذا شعرت أنك تستطيع ذلك. وفر طاقتك للشفاء والتطهير.
كما أنه من المهم استخدام الإنيما خلال الصوم، خصوصًا إذا كنت تعاني من مرض خطير أو كنت مصابًا بسمنة مفرطة. حيث أن الكثير من السموم ستطرح في القولون ، فيجب أن يكون مستعدًا لاستقبال وطرد هذه السموم. كما يجب أن تساعده على التخلص من هذا الحمل الثقيل عليه.
الكثير من الأمراض الخطيرة والمزمنة أو البسيطة، عالجها الصوم علاجًا نهائيًا. فقط احزم قرارك وتوكل
بعض الإشارات التي ستساعدك على معرفة مدى حاجتك للصوم والتنظيف
١- متعب ومنهك أغلب الوقت.
٢- كسول وطاقتك منخفضة.
٣- محبط أو مكتئب.
٤- لا تملك حماسة تجاه الحياة.
٥- ليس لديك أهداف في الحياة.
٦- رغبتك الجنسية منخفضة أو خارجة عن سيطرتك.
٧- تبدو أكبر من عمرك الحقيقي.
٨- تشعر بالغضب أو الاستياء.
٩- تشعر بالحزن أو الوحدة أو في دور الضحية ( أنا مسكين، أنا مريض، غلطوا في حقي…)
١٠- سلبي ونظرتك متشائمة تجاه الأمور.
١١- تردد كثيرًا ولا تستطيع أن تحزم أمرك.
١٢- لا تستطيع أن تتحكم في شعورك بالجوع.
١٣- مصاب بالسمنة، أو بالنحافة الشديدة.
١٤- مدمن على السكر والحلويات.
١٥- مدمن على البيتزا، الباستا، الخبز.. وكل شيء مصنوع من الدقيق.
١٦- تنام لكثير من الوقت.
١٧- تشعر برغبة في النوم بعد ممارسة العلاقة الحميمة.
١٨- تشعر بالتعب بعد ممارسة الرياضة.